فسحة الجمعة : لماذا تعتبر النصيحة مقياساً لصلاح الأمة؟

في عالم يتسارع فيه التغيير وتتعدد فيه التحديات، تبقى القيم الإنسانية النبيلة هي أساس استمرار الحياة وكمالها. ومن أسمى هذه القيم والتقاليد الإسلامية النبوية، قيمة « النصيحة » و »التناصح »، التي اعتبرها أحد أعظم خلفاء المسلمين، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مقياسًا لخير الأمم وصلاحها. فقد قال رضي الله عنه عبارته الخالدة: « لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين ». ليؤكد لنا أن خير المجتمع واستقراره لا يكون إلا بالتواصل الصادق والنصح البناء بين أفراده. في هذا المقال سنخوض في عمق هذه الحكمة العميقة، مستعرضين بُعدها الاجتماعي والتربوي وأثرها في بناء الأمة الصالحة، و
تعني العبارة أنه لا خير في أمة أو جماعة لا تقوم بأداء واجب التناصح، أي النصيحة المتبادلة بين أفرادها، كما لا خير في أمة أو جماعة لا تقبل النصيحة من الآخرين. فالتحلي بالقدرة على تقديم النصيحة بصدق ونية صافية، والاستعداد لتقبل النصيحة من الآخرين، من علامات القوة والرشاد والسلوك الحسن، وقد كان
في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، التناصح عاملاً رئيسياً لاستمرار عدل وحكمة الحكم بين الناس. فالأمة التي لا تتناصح، أي لا تنصح أفرادها بعضهم بعضا، تكون معرضة للانحراف والضياع.
كما أن قومًا لا يقبلون النصيحة يرسلون رسالة السلبية والجمود الفكري، مما يعيق تطورهم ويعرضهم للخطأ والتراجع. ومن
آداب وعناصر النصيحة الصحيحة
الإخلاص للنية: أن تكون النصيحة خالصة لوجه الله، وهادفة للخير لا للضرر أو التسلط.
الصبر والرفق: تحمل ردة فعل المنصوح، والصبر على جفوة الكلام أو تجاهل النصيحة.
اختيار الوقت والمكان المناسبين: النصيحة السرية أفضل من العلنية لتجنب ردود الفعل السلبية.
التواضع والقدوة الحسنة: الناصح يجب أن يكون قدوة في أفعاله قبل كلماته.
النصيحة المتبادلة تخلق مجتمعاً متماسكاً وقوياً، يزدهر فيه التعاون والمحبة والعدل. فهي من أسباب النجاة من الفتن وتطور الأمة وتحقيق مكارم الأخلاق، و
رغم أن هذا القول شائع ومنسوب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه من الحكم المأثورة التي لا توجد لها سندات حديثية صريحة، لكنه يعكس روحاً عظيمة من السنة النبوية وحكمة الخلفاء الراشدين.
هذه الكلمات تحثنا جميعًا على التناصح والنصيحة، وهما من أهم القيم التي تحافظ على سلامة المجتمعات ورفع قدرها بين الأمم. حفظ الله أمتنا من كل سوء، ورزقنا إياها بالقبول والنصح البناء.