
يعاني قطاع النقل في الجزائر، منذ سنوات، من مشاكل هيكلية عميقة وتدهور مستمر، وصل إلى درجة أصبحت فيها الأزمة واضحة للعيان وتؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن الجزائري. ومع استمرار هذه الأزمة، التي يرجعها الكثيرون إلى سنوات الفساد وسوء الإدارة تحت ما يسمى « العصابة » في إشارة إلى النظام الحالي، حيث يجد زعيمهم تبون نفسه في موقف حرج، يدفع به لاتخاذ قرارات عاجلة لمحاولة « إنقاذ ماء الوجه »، و
تتجلى أزمة قطاع النقل في الجزائر في عدة مظاهر، اولها
نقص حاد في وسائل النقل، حيث تعاني المدن الكبرى، وحتى المناطق الريفية، من نقص كبير في الحافلات ووسائل النقل العمومي، مما يتسبب في اكتظاظ يومي ومعاناة للمواطنين للوصول إلى أعمالهم ومدارسهم ، كما أن جزء كبير من الحافلات والمعدات المستخدمة قديم ومتهالك، ويفتقر إلى الصيانة الدورية، مما يؤثر على سلامة الركاب وجودة الخدمة، و آخرها الحادثة المأساوية التي أدت الى وفاة العشرات من المواطنين بعد سقوط الحافلة التي كانوا يستقلونها من فوق قنطرة ، كما أن
سوء الإدارة والفساد لسنوات طويلة، و صفقات النقل والتعاقدات المتعلقة باستيراد وصيانة الحافلات، محاطة بشبهات فساد كبيرة، أدت إلى تبديد أموال طائلة دون تحقيق النتائج المرجوة. هذا الفساد أدى إلى تعطيل المشاريع الكبرى وإضعاف البنية التحتية للقطاع ، كما يؤثر سوء قطاع النقل بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي، حيث يعيق حركة السلع والأفراد، ويزيد من تكلفة الإنتاج، مما ينعكس سلباً على التنمية الشاملة،و
في مواجهة هذا الوضع المتأزم، تبون و هو احد أكبر مشاكل البلاد ، بعد أن جعل كل مداخيل الدولة تصرف على قضية وهمية يستفيذ منها المرتزقة ماليا و زنهبا لخيرات الجزائر ، أقر قراراً عاجلاً باستيراد 10 آلاف حافلة لتعزيز أسطول النقل . هذا القرار، الذي يبدو وكأنه استجابة سريعة للأزمة، يطرح تساؤلات حول طبيعته: هل هو حل مؤقت لتهدئة الشارع وتغطية قصور الماضي، أم أنه جزء من رؤية استراتيجية أوسع لإصلاح القطاع؟
في سياق التصريحات الرسمية التي تربط الأزمة بـ « العصابة » وسوء إدارتها، يبدو أن هذا القرار يهدف بالأساس إلى:
امتصاص الغضب الشعبي ،و تخفيف حدة الاستياء الشعبي من تدهور الخدمات الأساسية.
و إبراز أن السلطات تعمل بجد لمعالجة المشاكل التي فاقت كل التوقعات وتسير بالجزائر الى انفجار داخلي بعد نفاذ صبر الشعب على هذا الاستغلال لخيراته من طرق العصابة ،
في محاولة لإظهار الفعالية في معالجة تلك الإخفاقات
غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في استيراد الحافلات، بل في ضمان أن تكون هذه العملية شفافة وبعيدة عن شبهات الفساد التي طالت صفقات سابقة.
