بقلم عبدالرحيم بخاش
في مشهد رياضي يتسم بالغرابة أحيانًا، خرج علينا أحد الشخصيات التي تصف نفسها بـ »فقيه الرياضة »، مدعيًا فهمًا عميقًا في أسس التنظيم وواعدًا بإعادة بناء المشهد الرياضي. بل وذهب إلى حد إعلان الحرب على ما أسماهم « الصحفيين المتطفلين »، متوعدًا بإعادة الأمور إلى نصابها وإبعاد غير المستحقين عن الساحة.
لكن، إذا دققنا النظر في هذا الادعاء، يتضح أن الصورة ليست بالوضوح الذي يحاول تسويقه. فمن يصف نفسه بحارس المهنة وحامي القيم، قد يبدو بعيدًا كل البعد عن تلك المعايير التي يروج لها. فبدلًا من أن يقدم حلولًا عملية وخططًا مدروسة تعكس وعيًا حقيقيًا بالتحديات، يبدو وكأنه يتحدث عن المبني للمجهول، ويلقي بظلال شكوك حول نواياه الحقيقية.
لاكن ما يثير التساؤل في حديث هذا « الفقيه الرياضي » هو التناقض الصارخ بين أقواله وأفعاله. يدعي محاربة التطفل، بينما تشير الدلائل إلى أنه نفسه قد يكون مثالًا حيًا لهذا التطفل، سواء من حيث فهمه المحدود لأسس التنظيم أو استغلاله للمشهد الإعلامي لتحقيق مصالح شخصية.
الرياضة، كأي ميدان آخر، تحتاج إلى كوادر تجمع بين العلم والخبرة، بين الفكر والعمل. أما التصريحات الجوفاء التي لا تسندها أفعال حقيقية، فلا تعدو كونها ضجيجًا إعلاميًا يهدف إلى صرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع.
فبدلًا من توجيه الاتهامات العامة والحديث عن « إبعاد المستحقين »، كان الأحرى بهذا الشخص أن يقدم رؤى واقعية ومشاريع ملموسة تثبت جدارته. فالرياضة تحتاج إلى قيادة واعية، قادرة على بناء جسور التعاون مع مختلف الأطراف، لا إلى استعراضات إعلامية تُكرس الانقسامات وتزيد من الضجيج أما عن الصحفيين الذين استهدفهم هذا الحديث، فمن المهم التذكير بأن الصحافة الرياضية، رغم ما يشوبها أحيانًا من أخطاء، هي ركن أساسي في دعم وتطوير المشهد الرياضي. النقد البناء جزء من عملية الإصلاح، ومن يرفض النقد قد يكون أول من يخشى المواجهة الحقيقية مع الواقع.
وإذا كانت سفينة نوح قد أنقذت من آمن برؤيتها من الطوفان، فإن المشهد الرياضي لا يحتاج اليوم إلى قبطان يطلق وعودًا فارغة أو يعادي الجميع. بل يحتاج إلى قائد يُجيد الإبحار في بحر التحديات بروح الفريق الواحد، واضعًا مصلحة الرياضة فوق أي اعتبار. فهل نرى يومًا هذا القائد؟ أم سنظل نسمع أصداء الادعاءات دون أفعال؟