
تستعد وزارة الداخلية لشن حملة تفتيش واسع وغير مسبوقة على عدد من الجماعات الترابية، قروية وحضرية، في ست جهات من المملكة. تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الوزارة لمكافحة « جمعيات الريع » التي تُستغل في تحقيق مكاسب شخصية وسياسية، لا سيما في الوسط القروي.
وتستند هذه التحقيقات، التي ستنطلق من جهة فاس-مكناس، إلى تقارير سرية صادرة عن أقسام « الشؤون الداخلية » بالعمالات، والتي كشفت عن وجود اختلالات خطيرة في كيفية تدبير الدعم المالي الممنوح من قبل الجماعات الترابية للجمعيات المدنية، و
كشفت التقارير عن أساليب متعددة للتلاعب بالدعم المالي، من أبرزها:
تحويل مسار الدعم حيث أن العديد من الجمعيات استخدمت أموال الدعم في أغراض لا علاقة لها بالهدف الذي مُنحت من أجله، وكذلك
استغلال سياسي كتوظيف هذا الدعم كأداة للدعاية والترويج لمسؤولين محليين ومنتخبين، مما حوله إلى وسيلة لكسب الأصوات والتأثير السياسي، و
علاقات مشبوهة التي ورطت مسؤولون محليون في دعم جمعيات يرتبطون بها بعلاقات قرابة أو مصاهرة، مما يجعلها منصات لتحقيق الريع المالي. كما أن هناك من يدعي وجود
مشاريع وهمية بمبالغ ضخمة لا وجود لها على أرض الواقع، مع إصدار فواتير مزورة من مقاولات وهمية. كما أن
غياب الحكامة في العديد من الجمعيات تجعلها لا تلتزم بالضوابط القانونية، مثل عقد الجموع العامة أو امتلاك نظام محاسبي دقيق، مما يفتح الباب للتلاعب.
وبناءً على هذه المعطيات، ستعمل لجان التفتيش التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية على:
افتحاص شامل و التدقيق في جميع وثائق صرف ميزانية الدعم الممنوحة للجمعيات المعنية.
منها على الخصوص مراقبة التحويلات البنكية ومآل الأموال التي تم صرفها، ومطابقتها بالوثائق المحاسبية للجمعيات.و
التحقق الميداني لتأكد من وجود المشاريع الممولّة على أرض الواقع، خاصة تلك المرتبطة بشق الطرق أو تنظيم الورشات التكوينية ،و
تُظهر هذه التحقيقات الجديدة جدية وزارة الداخلية في محاربة استغلال المال العام، وتؤكد على ضرورة وضع آليات رقابية صارمة لضمان وصول الدعم المخصص للجمعيات إلى مستحقيه الفعليين. فهل ستكون هذه الحملة بداية لتطهير حقيقي للمشهد الجمعوي من شبكات الريع والفساد؟
