ليلى الفاضلي: أنطولوجيا الجمال بين ميراث الدم واستعارة الروح

بقلم عبدالرحيم بخاش


ليلى الفاضلي: أنطولوجيا الجمال بين ميراث الدم واستعارة الروح
إن استدعاء اسم ليلى الفاضلي لا يجيء كإشارة عابرة في سجل الفن المغربي، بل يتجسّد كحدث أنطولوجي يوقظ في المخيال الجمعي سؤال الهوية وشرعية الجمال. فهي ليست مجرّد جسد ممثل على الخشبة أو على الشاشة، بل كيان رمزي يقطر من ذاكرة الأصل، مثل نهر خفيّ يشقّ طبقات الزمان ليصير ميتافيزيقا متدفّقة في كينونة الفن.
لقد حملت ليلى الفاضلي الإرث لا بوصفه مجرّد انتماء بيولوجي أو وراثة دم، بل كوعي متعالٍ يتجاوز النسق الجسدي نحو جوهر الروح. فهي ابنة إرث لم يُختزل في اسم أو نسب، بل ارتقى إلى مقام الرمز، حيث تحوّلت الأدوار التي جسّدتها من «ثمن الرحيل» و«ولد الحمرية» إلى «بين لقصور» و«سيوف العرب» إلى طقوس جمالية تقيم في تخوم الذاكرة الجماعية. إنها لا تؤدي النص كما هو، بل تفككه وتعيد صياغته في جسدها لتغدو الكلمة نبضاً حيّاً، والصورة معبراً أنطولوجياً يتجاوز فرجة العين ليغدو سؤالاً وجودياً يطارد المتلقي
إن فعلها الفني لا يمكن إدراجه في خانة التمثيل فحسب، لأن ما تقوم به أشبه بترجمة للأعماق: ترجمة للزمن الموروث الذي يتكلم في صمتها، وللمستقبل الذي يطلّ من عينيها. فهي، في جوهرها، جسر بين ذاكرة غابرة لم تخمد بعد، وأفق مفتوح على احتمالات الفن كقوّة تقاوم تفاهة السوق وميوعة المشهد
إن حضورها لا يُقرأ كأداء تمثيلي، بل ككتابة جمالية تتناسل من رحم الإرث إلى فضاء الروح. فهي تُعيد للمعنى خلوده، وتجعل من الفن خطاباً يتجاوز الإبهار الخارجي نحو جوهر السؤال: ماذا يعني أن نمثّل؟ أن نُعيد إنتاج الوجود في صورة؟ أن نصوغ من الهشاشة خلوداً؟
هكذا، تصير ليلى الفاضلي أكثر من ممثلة؛ إنّها كينونة رمزية، أيقونة للذاكرة الحيّة، وشهادة على أن الفن ليس انتماءً للدم وحده، بل امتداد للروح وهي تُعيد كتابة ذاتها في جسد الأمة. إنها ذلك الجسر الذي يربط بين جذر غائر في التربة، وأفق يطلّ على معنى لا يفنى، لتقول بلسان الوجود: «الفن هو مقاومة الموت، والذاكرة هي الشكل الأسمى للخلود».