الهيلولة: طقس ديني يهودي يعكس تعايش المغرب وتحذيرات من استغلاله سياسياً

تُعتبر الهيلولة واحدة من أبرز الطقوس الدينية التي يحرص اليهود المغاربة على إحيائها سنوياً، وهي احتفال ذو بعد روحي واجتماعي يرتبط بالفكر الصوفي اليهودي، ويقام تخليداً لذكرى وفاة أحد الصالحين أو الحاخامات المشهورين. ويؤمن المحتفلون بأن يوم وفاة الصالح هو لحظة اقتراب روحه من الله، مما يجعل المناسبة فرصة للتبرك والدعاء وإحياء ذكراه،
مصطلح “هيلولة” بالعبرية يعني حرفياً اليوم المضيء أو يوم الهبة. ويشير في الثقافة اليهودية المغربية إلى الذكرى السنوية لوفاة أحد الزهاد أو الحاخامات ، حيث يتم التوجه إلى ضريحه للتلاوة، الدعاء، إشعال الشموع، وتلاوة نصوص دينية خاصة، للاشارة فإن
المغرب يحتضن عدداً كبيراً من الأضرحة التي تحظى بمكانة خاصة لدى اليهود المغاربة، ومن أبرزها:
هيلولة الحاخام دافيد بن باروخ، بضريح أغزو نباهمو بجماعة تنزرت، إقليم تارودانت، ويشارك فيها يهود من داخل المغرب وخارجه.


هيلولة الحاخام إليزر دافيلا في منطقة الرباط/سلا.
هيلولة الحاخام هيم بين بن هيم بمدينة الصويرة.
هيلولة إسحاق أبي حصيرة في قرية تولال بإقليم ميدلت.
وأشهرها على الإطلاق، هيلولة الربي هيم بينتو في الصويرة، التي تستقطب مئات اليهود من مختلف بقاع العالم، و

خلال هذه المناسبات، يتوافد اليهود إلى الأضرحة غالباً في القرى والبوادي حيث يرقد « الصالح »، حاملين معهم نذوراً وقرابين رمزية. ويُضاء عدد من الشمعات في محيط الضريح، بعضها يُشعل قبل أيام من المناسبة، وأخرى في ليلة الذكرى. كما تُرفع الأدعية والابتهالات طلباً للبركة، سواء بشكل مباشر من الله أو اعتقاداً بوساطة الصالح،
ولا تقتصر الهيلولة على الجانب الديني فقط، بل تتحول في بعض الحالات إلى لقاء اجتماعي وثقافي، حيث تُنظم موائد جماعية، وتُرفع الأناشيد الدينية، وأحياناً تقام احتفالات شعبية على هامش المناسبة. كما تشكل فرصة للجالية اليهودية المغربية في الخارج لتجديد صلتها بأرض الأجداد وتعزيز ارتباطها بالتراث الروحي للمغرب،كما

تُسجَّل في بعض هذه المناسبات مشاركة ممثلين عن السلطات المحلية ورجال السلطة، تأكيداً لحرص الدولة المغربية على صون هذا الموروث الديني والثقافي، وإبراز قيم التعايش التاريخي التي ميزت المغرب كأرض جمعت على مر القرون المسلمين واليهود والمسيحيين في نسيج اجتماعي واحد، وفي هذا السياق جاءت تدوينة السيد المصطفى الرميد التي
أثيرت الجدل مؤخراً، حيث علّق وزير الدولة السابق المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، على بعض ما راج حول أنشطة دينية في إحدى الهيلولات بالصويرة قائلاً:

« لا أحد يجادل في حق اليهود المغاربة في الاحتفال وفق ما تقتضيه تعاليم دينهم، بكل حرية، وفي إطار ما يفرضه الدستور على الدولة من ضمان حق كل شخص في ممارسة شؤونه الدينية. لكنه إذا صح أن بعضهم نظم حفلاً دينياً في الصويرة، تخللته أدعية لجيش الإبادة الجماعية، وكل ما يتصور من الجرائم اللاإنسانية، دون احترام لمشاعر الحاضرين من ممثلي المؤسسات الوطنية، فضلاً عن مشاعر عموم المغاربة، فهو خطأ جسيم، وتحدٍ سافر، وانزلاق خطير، يتعين على السلطات أن تحذر من تكراره، فضلاً عن الإعلان عنه. ذلك أنه لا شيء يبرر تحويل ممارسة دينية، التي هي حق مضمون، بأي شكل من الأشكال، إلى إشادة بإرهاب دولة مارقة، مجرمة، قادتها ملاحقون في العالم، بموجب مذكرات اعتقال صادرة عن القضاء الجنائي الدولي. »
تصريحات الرميد جاءت لتؤكد على أهمية التوازن بين احترام حقوق الأقليات الدينية التي يكفلها الدستور المغربي، وبين منع استغلال المناسبات الدينية للتحريض أو الإشادة بجرائم ضد الإنسانية، وهو ما يضع السلطات أمام مسؤولية مضاعفة لضمان الطابع الروحي والثقافي الخالص لهذه الطقوس.