نصف قرن من الوهم: البوليساريو بين الخداع وصراع الشرعية أمام مجلس الأمن

منذ أكثر من خمسين عامًا، يعيش سكان مخيمات اللاجئين الصحراويين تحت وطأة الوهم والخداع، الذي مارسته قيادة جبهة البوليساريو، في ظل ما يعتبره خبراء حقوقيون استغلالًا سياسياً للمساعدات الإنسانية باسم « الثورة ».

القيادة التي تدعي تمثيل « الشعب الصحراوي » أنشأت لنفسها قصوراً فخمة، بينما يظل سكان المخيمات محاصرين في خيام فقيرة، ويعانون من الجوع والحرمان، وأُجبروا على الحصول على تصاريح عبور مشددة، ما جعل حياتهم مقيدة بشكل كبير، بحسب مراقبين محليين ودوليين.

ويشير محللون إلى أن هذا الوضع أدى إلى استغلال شعارات القضية الوطنية لتحقيق مصالح ضيقة، بينما تم تطويع السكان فكرياً وعاطفياً للعيش على أوهام لم تعد تعكس الواقع. ويرى هؤلاء أن أسلوب « جبهة البوليساريو » في التعامل مع مخيمات اللاجئين أضعف من قدرة السكان على التعبير عن رفضهم، سواء داخل المخيمات أو خارجها، خصوصاً في مواجهة مسودة تقرير الأمم المتحدة الأخيرة.

وبحسب المعلومات المتاحة، فقد شهدت مسودة تقرير مجلس الأمن الدولي الأخيرة ارتباكاً واضحاً لدى قيادة الجبهة، حيث جاءت تصريحات مسؤولينها متناقضة وغير متجانسة، ما يعكس تأثير الدعم الجزائري، الذي يعاني بدوره من ضغوطات على المستوى الدولي والإقليمي. ويصف خبراء هذا الوضع بالمثل الشعبي المغربي « الخروج من المولد بلا حمص »، في إشارة إلى مشاركة البوليساريو في الأحداث دون أي مكسب حقيقي.

في المقابل، يظل المقترح المغربي، الذي يقترح الحكم الذاتي أساساً وحيداً للتفاوض، مطروحاً بقوة على أجندة المجتمع الدولي، ومن المرجح تثبيته عبر القرار النهائي لمجلس الأمن في نهاية أكتوبر 2025، بما في ذلك دعم محتمل من الولايات المتحدة.

وتطرح هذه المعطيات سؤالاً حول التزام البوليساريو بعدم المشاركة في أي مفاوضات مستقبلية إذا لم يتم التراجع عن مسودة التقرير، وهو موقف قد يفقدها أوراق تفاوضية مهمة، ويعرضها لاحقاً لتصنيفها ضمن خانة الإرهاب وفق تحليلات دولية، فيما قد تلجأ الجزائر للتخلص من تبعات دعمها المباشر للجبهة في حال تزايد الضغط الدولي.

يبقى واقع مخيمات اللاجئين الصحراويين شاهدًا على نصف قرن من السياسات التي أساءت لحياة آلاف البشر، بينما يترقب العالم القرار النهائي لمجلس الأمن الذي قد يغير مسار القضية إلى الأبد.