
أثار مضمون خطبة الجمعة الأخيرة، التي تناولت موضوع « الحرص على احترام اختيارات الأمة والقوانين المنظمة للحياة »، نقاشاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، كشف تقييم شرعي مبني على معايير المذهب المالكي عن جملة من العناصر العلمية التي توضّح الإطار الديني للخطبة ومكامن الاتفاق والاختلاف حولها.
ووفق التقييم الفقهي، فإن الخطبة تنسجم في جوهرها مع الأصول الكبرى للمذهب المالكي، خاصة ما يتعلق بالمصالح المرسلة وسدّ الذرائع وحفظ الضروريات الخمس، وهي قواعد تُجيز للدولة وضع قوانين تنظّم حياة الناس وتحقق الأمن وتدفع الفتنة، ما دامت لا تخالف نصوص الشريعة القطعية. كما اعتبر التقييم أن دعوة الخطيب إلى احترام قوانين السير والمحافظة على الأرواح والأموال تُعد من صميم المقاصد الشرعية التي أكد عليها الفقه المالكي عبر تاريخه. و
لكن التقرير العلمي نفسه سجّل عدداً من الملاحظات الشرعية الدقيقة، أبرزها ضرورة التفريق بين القوانين التي توافق الشريعة فتكتسب قوة الإلزام الشرعي، وتلك التي تخالفها فلا تُعدّ ملزمة دينياً، وإن كانت ملزمة مدنياً، و قد فتح الباب أمام قراءات سياسية للخطبة، خصوصاً مع تكرار الإشارات إلى « العقد الاجتماعي » دون بيان الضوابط الشرعية المعروفة عند المالكية.
وفي خلاصة هذا التقييم العلمي، أكد الباحثون أن الخطبة سليمة في مقصدها العام الداعي إلى حفظ المصالح العامة ومنع الفوضى واحترام قواعد التنظيم، لكنها جاءت بصياغة تحتمل التأويل السياسي، ولم تُبرز بما يكفي التمييز الضروري بين الشرع والقانون الوضعي، وهو ما ساهم في تضخّم النقاش المجتمعي حولها.
ويُنتظر أن يساهم هذا التحليل العلمي في تهدئة الجدل الدائر، من خلال وضع الخطبة في سياقها الفقهي الصحيح، وتوجيه النقاش نحو فهم دقيق للعلاقة بين الدين والقانون في ضوء اجتهادات المذهب المالكي.
