بقلم عبدالرحيم بخاش
في خضم الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة سبتة، والتي أُطلق عليها « اليوم الضبابي »، تجلت مشاهد مؤلمة لشباب يائس فضل المخاطرة بحياته في رحلة غير مضمونة عبر البحار، هروبًا من واقع مرير. هذا الواقع، الذي يتسم بارتفاع مهول في الأسعار، وانعدام الفرص، دفع هؤلاء الشباب إلى المخاطرة بكل شيء بحثًا عن أمل قد لا يكون موجودًا.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان اليوم حقًا ضبابيًا من حيث الطقس، أم أن الضباب الحقيقي يكمن في عقول من يتحملون مسؤولية هذا الواقع؟ أليس الواقع هو المظلم، أم أن عقول المسؤولين هي من حجبت الرؤية أمام الشباب حتى أصبحوا يرون المستقبل مشوبًا بالظلام؟
عندما ننظر إلى الأسباب التي تدفع الشباب إلى هذا النوع من الهروب الجماعي، نجد أنها تتجاوز مجرد الظروف الاقتصادية الصعبة. فالتجاهل المستمر لطموحات الشباب، والفساد المستشري، والعجز عن تقديم حلول ملموسة، كل هذا ساهم في خلق بيئة يشعر فيها الشباب أنهم محاصرون بلا مخرج. أصبحوا يرون الهجرة، حتى لو كانت خطيرة وغير شرعية، كطريق وحيد لتحقيق أحلامهم.
الأسعار المرتفعة، البطالة المستشرية، وغياب سياسات حكومية فعالة لدعم الشباب، كل ذلك ساهم في تشكيل هذا المشهد المأساوي. ومع ذلك، فإن تحميل المسؤولية كاملة على الشباب الفارين ليس منصفًا. فالمسؤولية الأكبر تقع على عاتق من يملكون القدرة على تغيير هذا الواقع، أولئك الذين اختاروا، بوعي أو بغير وعي، أن يديروا ظهورهم لمشاكل الشباب وطموحاتهم.
اليوم الضبابي في سبتة لم يكن مجرد يوم عابر؛ بل هو رمز لمشكلة أعمق بكثير. ضبابية الرؤية ليست في الأجواء، بل في السياسات والقرارات التي فشلت في تقديم أي بارقة أمل لهذا الجيل.
فإذا من يتحمل مسؤولية هذا الهروب الجماعي؟ أليس من واجبنا أن نتوقف للحظة، لنفكر في مستقبل هذا البلد؟ إذا استمرت الأمور كما هي، فإن « اليوم الضبابي » قد يتكرر، ليس فقط في سبتة، بل في كل مكان يبحث فيه الشباب عن الضوء في نهاية النفق.