أخطاء بلقشور في سطور

بقلم عبدالرحيم بخاش

إلى السيد بلقشور

تحتفظ الصحافة الرياضية المغربية بتاريخ حافل بإنجازات رجال ونساء كرسوا حياتهم لتأسيس قواعد هذا المجال، مدافعين عن الكلمة الحرة، وناقلين صدى الملاعب المغربية إلى العالم. منذ بداياتها، ولدت جمعيات تحمل رسائل نبيلة، تعتز بدورها في نشر الثقافة الرياضية، ومواجهة التحديات داخل المغرب وخارجه، رغم الاتهامات والضغوطات التي لاحقتها. وكانت هذه الجمعيات، بروادها وأعضائها، جزءًا من هذا البناء، حارسةً على قيم الصحافة الرياضية النزيهة، وضامنةً لإشعاعها عبر المحافل الدولية.

اليوم، عندما تتخذ قرارًا لإقصاء تلك الجمعيات الراسخة لإفساح المجال أمام جمعية حديثة العهد، تفتقر إلى الخبرة المطلوبة، فإنك لا تمحو فقط جهود عقود طويلة من العمل، بل تفتح بابًا أمام مغامرات قد لا تخدم هذا الصرح. إن الصحافة الرياضية ليست مجرد أخبار، بل هي صوت الجماهير، وذاكرة الملاعب، وجزء من هوية وطنية تشكلت عبر عقود. إن تأسيس صحافة رياضية قوية ومؤثرة يعتمد على الاستمرارية، وليس على تغييرات فجائية قد تهدم ما بُني بصعوبة.

نقول لك: نعم، الإنسان قد يخطئ، ولكن التراجع عن الخطأ ليس عيبًا. كن على يقين أن القيم الصحفية راسخة، وجذورها في أرض التاريخ. إذا كانت نيتك خدمة الصحافة، فعليك الالتفاف نحو هذا الإرث الكبير، وإعطاؤه حقه.

السيد بلقشور،

لا شك أن القرار الذي اتخذته بإقصاء جمعيات الصحافة الرياضية الراسخة من الساحة يعد خطوة جريئة، لكنها قد تكون محفوفة بالمخاطر. هذا الإقصاء يحمل دلالات قد يُفهم منها أنه تجاهل مقصود لتاريخ طويل وأسماء وازنة ساهمت في إثراء المجال الرياضي والإعلامي، وأضفت عليه من المصداقية والاحترام ما يستحقه. إن إبعاد هذه الجمعيات، التي لعبت دورًا محوريًا في ترسيخ الثقافة الرياضية وصناعة الوعي الجماهيري، يهدد بتقويض أسس عميقة، ويبثّ شعورًا بالظلم في صفوف العاملين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا المجال.

الصحافة الرياضية ليست مجرد نقل للأخبار، بل هي منظومة متكاملة تشكلت على مر الزمن، ودعمتها جهود أجيال متتابعة من الصحفيين المتفانين. لكل جمعية مسارها الخاص ورؤيتها التي جعلتها رمزًا في أعين المهتمين والمشجعين على حد سواء. إن قرارك بإقصاء هذه المؤسسات، وإحلال جمعيات جديدة تفتقر إلى الخبرة، قد يسبب خللًا كبيرًا في مشهد الصحافة الرياضية، ويهدد بزعزعة ثقة الجمهور وولائه لهذه المنظومة.

قد يكون للنية الصافية أهمية، لكن النتائج هي التي سيتذكرها الناس. إن تجاوزك لجمعيات راسخة بهذه الطريقة قد يعرضك لاتهامات بأنك تميل لإقصاء الرموز عمداً، وهذا لن يمرّ مرور الكرام في عالم صحافة متأصلة لا تُنسى بسهولة.

عليك أن تدرك أن الصحافة الرياضية المغربية ليست ملكًا لأحد، فهي تراثٌ مشترك يرمز إلى تاريخ وتجارب، وتستحق أن تُعامل باحترام يليق بها. الخطأ هنا لا يتعلق فقط بجمعيات أو أسماء، بل هو مسألة تمس تاريخًا وطنيًا مشرفًا، وقد تكون التكلفة غالية جدًا إذا استمر الحال على ما هو عليه.

ختامًا، أذكرك بأن لكل قرارٍ تبعاته، وأن المسؤول الحكيم هو من يحترم تجارب من سبقوه ويستفيد منها، لا من يحاول دفنها.