بقلم عبدالرحيم بخاش
إن حرية الصحافة ليست منحة تُعطى ولا امتيازاً يُمنح، بل هي حق دستوري أصيل تكفله المبادئ العليا للدول التي تحترم التعددية والديمقراطية. غير أن الواقع المؤسف الذي نشهده اليوم، حيث يتجرأ بعض ممن يظنون أنفسهم أصحاب القرار على فرض بطاقات وتدابير تعسفية، يعكس انحرافاً خطيراً عن هذه المبادئ، وضرباً صارخاً لروح الدستور المغربي الذي يكفل لكل صحافي الحق في الوصول إلى المعلومة وممارسة مهنته بحرية وكرامة.
من المؤسف أن نرى هذا العبث يتجسد في فرض بطاقة تُصور وكأنها تشريع فوقي، يتجاوز القوانين المنظمة ويُقصي المجهودات التي بُذلت من أجل ترسيخ دور المجلس الوطني للصحافة، الذي أُنشئ كهيئة مستقلة لضمان حرية الصحافة ومهنيتها. هذه البطاقة، التي تلقى دعماً مستغرباً من بعض الأطراف كالسيد فوزي لقجع، لا تعدو أن تكون أداة لإخضاع الصحفيين وتحجيم دورهم في مساءلة السلطة ونقل الحقيقة إلى الرأي العام.
إن الترويج لهذه البطاقة وكأنها « إنجاز » عظيم ما هو إلا محاولة لطمس الحقائق واستعراض قوة زائفة لا تخدم سوى مصالح ضيقة على حساب المصلحة الوطنية الكبرى. إن هذا السلوك الخشن والتعسفي يعكس فهماً مغلوطاً لدور السلطة ومسؤوليتها في حماية حرية الصحافة ودعم التعددية، بدلاً من تقييدها وخنقها.
لقد آن الأوان لإعلاء صوت العقل والعودة إلى احترام روح الدستور، التي تضمن لكل مواطن وصحافي حقه في التعبير والمعلومة دون تمييز أو قيود تعسفية. فاستمرار هذا العبث لن يؤدي إلا إلى تأجيج التوترات وإضعاف ثقة المجتمع في مؤسساته، وهو ما لا يخدم أحداً سوى أعداء الديمقراطية.
إننا نطالب بموقف حازم من جميع القوى الحية في البلاد، من أجل التصدي لهذه التجاوزات وإعادة الاعتبار لدور الصحافة الحرة كركيزة أساسية لبناء وطن ديمقراطي يحترم التعددية والشفافية