بقلم عبدالرحيم بخاش
في زمن كثرت فيه المنابر وقلّت فيه القيم، أضحت بعض الأقلام أشبه بصدى أجوف يردد كلمات بلا معنى، يمتلئ بالضجيج لكنه يخلو من العمق. إن الانتقاد، ذلك الفن النبيل الذي يُفترض أن يكون مرآة للحقيقة، قد أصبح في يد البعض أداة للتشويه والإسفاف
كم سئمنا من تلك الأقزام الفكرية التي نصّبت نفسها حكمًا وقاضيًا، وهي لا تعرف من النقد سوى إطلاق الأحكام الجوفاء، ومن الصحافة سوى إغراق المجتمع بجرعات من التفاهة. تلك الأقلام لا تقف على أرضية صلبة من المعرفة أو المبادئ، بل تتراقص على حبال الوهم، تُغريها أضواء المال والجاه، وتحركها نزوات الشهرة السريعة
إن النقد الحقيقي ليس مجرد كلمات تُلقى على الورق أو شاشات الهواتف، بل هو رسالة تنبع من وعي عميق، وهدفه الإصلاح لا التشهير. إنه صوت العقل الذي يسعى لتقويم الأخطاء، لا تدمير الأشخاص. ولكن للأسف، أضحى الانتقاد عند هؤلاء هواية تافهة، يُمارسونها بلا ضوابط، ويستهدفون بها كل من يخالفهم أو يسبقهم في طريق النجاح
لذلك، نقول لهؤلاء الأقزام: توقفوا عن تلويث الساحة الإعلامية بصراخكم الذي لا طائل منه. تعلموا أن الكلمة أمانة، وأن القلم مسؤولية. وإن لم تستطيعوا، فلتكتفوا بالصمت، فهو أبلغ من لغتكم التي لا تجيد سوى التفاهة والشوهة
أيها القارئ، لنرتقِ بوعينا، ولنميز بين النقد البناء والانتقاد الهدّام، فالأول يصنع مجتمعًا أفضل، أما الثاني فلا يترك خلفه سوى رماد الفوضى والضجيج