بقلم عبدالرحيم بخاش
بطاقة التفاهة: تحت شعار النشاط وكلشي شاط
في زمن أصبح فيه العبث قانونًا، والقرارات العبقرية تُصنع في لحظات « إلهام فجائي »، يبدو أننا على موعد مع بطاقة جديدة ستحمل اسم « بطاقة التفاهة ». نعم، بطاقة رسمية الغرض منها محاربة نشر التفاهة، ولكن بطريقة تضمن القضاء التام على كل ما تبقى من النزاهة!
فكرة البطاقة بسيطة: بما أن التفاهة أصبحت المورد الوحيد الذي لا يعرف أزمة، قررت الجهات « المبدعة » تنظيمها أيضًا! تريد أن تتحدث عن أي شيء عميق؟ آسف، لا يمكنك ذلك دون الحصول على بطاقة التفاهة أولاً. تريد أن تنتقد أو تناقش بجدية؟ عذرًا، نحن في عصر النشاط وكلشي شاط
فالأسباب؟ بسيطة جداً
لاننا نحن في أزمة ماء وجفاف؟ فلا تقلق، فبطاقة التفاهة ستحل المشكلة، لأنها ببساطة ستشغل الناس عن التفكير في الجفاف بأمور أكثر أهمية، مثل: « كيف تعيش بدون شرب الماء ؟ لان الماء مضر للجسم وووو
التعليم في تدهور؟ لا بأس، بطاقة التفاهة ستضمن ألا يُزعج أحد هذه الحقيقة بطرح أسئلة صعبة
الاقتصاد يترنح؟ بطاقة التفاهة هنا لتؤكد أن « المزاح الخفيف » يمكن أن يحل كل شيء
تصريح مسؤول: نحن بحاجة إلى بطاقة التفاهة، لأنها ستحقق التوازن بين الناس. التفاهة تُخفف من التوتر، والتوتر يؤدي إلى التفكير، والتفكير خطر على المجتمع في هذه المرحلة. لهذا نريد أن نضمن أن الجميع مشغولون في نشاط، وكلشي شاط، دون تمييز
وفي خطوة متقدمة، قد تُفرض بطاقة التفاهة على الجميع، بدءًا من الإعلاميين وصولاً إلى المواطنين البسطاء. لن تتمكن من دخول المقاهي، الملاعب، أو حتى الأسواق دون إبراز بطاقتك، لأن التفاهة أصبحت حقًا من حقوق الإنسان، بل واجبًا وطنيًا
وفي الاخير لا يسعنا إلا أن نصفق لهذه العبقرية الإدارية، وننتظر بفارغ الصبر موعد تطبيق هذه البطاقة الثورية. وربما في المستقبل، ستصدر بطاقات أخرى، مثل بطاقة السخرية الإلزامية، وبطاقة « عيش اللحظة » وبطاقة شوف واسكت ،حتى نضمن أننا جميعًا في زمن النشاط، وكلشي شاط