غزة العزة تدفن جياعها بعد المؤامرة العالمية للحكومات ضدها

لا يمكن اختزال الأزمة في قطاع غزة في مجرد نقص حاد في الغذاء. فما يحدث يتجاوز كونه كارثة إنسانية إلى كونه استراتيجية معقدة وممنهجة. الجوع هنا ليس نتاجًا جانبيًا للحرب، بل هو جزء أساسي من خطة متكاملة تستخدم الأزمات الاقتصادية والإنسانية لتفكيك المجتمع من الداخل. إنها سياسة مدروسة تهدف إلى إخضاع السكان من خلال إحكام الحصار وتدمير كل مقومات الحياة.

المأساة في غزة لا تقتصر على القصف والقذائف.بل هناك أربعة أسلحة أخرى تُستخدم في هذا المشهد المروع:
التجويع المتعمد: حرمان مباشر من الغذاء.
الأمراض: انتشار الأوبئة بسبب شرب المياه الملوثة ونقص الغذاء.


السموم البيئية: تلوث خطير ناتج عن آلاف الأطنان من المتفجرات.
حرمان المرضى: منع وصول العلاج للمصابين بأمراض مزمنة، مما يؤدي إلى موتهم ببطء.
هذه الأسلحة تعمل معًا، لتشكل نمطًا جديدًا من القتل الصامت الذي يضاف إلى وحشية القصف.و

أمام هذا المشهد، يتكشف عجز المجتمع الدولي، الذي يكتفي بالإدانات الشكلية دون أي فعل حقيقي. ورغم أن التقارير الأممية تجاوزت حدود الوصف، يبقى رد الفعل العالمي مشلولًا. حتى منظمات الإغاثة، التي يفترض أنها ملاذ آمن، تحولت إلى فخاخ للموت، حيث استُهدف مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.
الأدهى من ذلك أن سياسة التجويع خلقت فوضى داخلية، فظهر تجار الحرب والوكلاء المحليون المرتبطون بالاحتلال، الذين ينهبون المساعدات ويعيدون بيعها بأسعار خيالية. ومع انهيار النظام البنكي، أصبحت عمولات الحوالات تصل إلى 40%، ما يزيد من بؤس السكان ويُدخلهم في دوامة لا تنتهي من الفقر واليأس.و كما لا يخفى على أحد

فإن ما يحدث في غزة هو مختبر للسيطرة على السكان واختبار قدرتهم على الصمود. فالتجويع ليس مجرد أداة لإجبار المقاومة على تقديم تنازلات، بل هو جزء من خطة أوسع نطاقًا تهدف إما إلى تفريغ القطاع من سكانه أو إعادة تشكيله تحت شروط مذلة، تقوم على معادلة بسيطة ومؤلمة: « إعمار مقابل إخضاع ».