
عادت قصة حمدان التركي، المواطن السعودي الذي أمضى 19 عامًا خلف قضبان السجون الأمريكية، لتثير مجددًا التساؤلات حول مدى تطبيق العدالة في زمن تتزايد فيه التحيزات ضد المسلمين. وبعد رحلة قضائية طويلة وشاقة، عاد التركي إلى وطنه، تاركًا وراءه ماضٍ يحمل في طياته الكثير من علامات الاستفهام.
بدأت قصة التركي في عام 2006، عندما كان أستاذًا في علم اللغة، ليجد نفسه متهمًا في ولاية كولورادو بتهم تتعلق بإساءة معاملة خادمته. ورغم نفيه القاطع للتهم الموجهة إليه، وتأكيده أن هذه التهم ملفقة، إلا أنه حُكم عليه بالسجن لمدة 28 عامًا في سجن عالي الحراسة.

وفي تلك الفترة، لم تكن قضية التركي مجرد قضية جنائية عادية. فقد حظيت باهتمام دولي واسع، خاصة وأن مؤيديه أشاروا إلى أن التهم الموجهة إليه قد تكون مرتبطة برفضه التعاون مع المخابرات الأمريكية، التي حاولت تجنيده للتجسس على بلاده. ووفقًا لمؤيديه، كانت هذه التهم وسيلة للانتقام منه بعد رفضه التعاون.
ولم تنتهِ القصة عند هذا الحد. فبعد عودة الخادمة الإندونيسية إلى بلادها، أدلت بتصريحات تؤكد أن التركي وعائلته لم يسيئوا معاملتها، وأنها لم تتعرض لأي تحرش. هذه الشهادة، التي جاءت بعد سنوات من الحكم، ألقت بظلال من الشك على مصداقية التهم التي أُدين بها التركي، وكشفت عن احتمال وجود تحيز ضد المسلمين في النظام القضائي الأمريكي، خاصة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر.

وبعد مرور 19 عامًا من السجن، أغلقت محكمة في كولورادو القضية، وأسقطت الحكم السابق بحقه، ليتم ترحيله إلى وطنه. وعاد التركي إلى المملكة العربية السعودية، ليطوي صفحة من حياته مليئة بالمعاناة والألم.
قصة حمدان التركي ليست مجرد حكاية فردية، بل هي مرآة تعكس معاناة العديد من المسلمين المتميزين في الولايات المتحدة، الذين قد يجدون أنفسهم ضحية للتحيز والعداء. إنها قصة تذكرنا بأهمية العدالة، وضرورة الدفاع عن حقوق الإنسان، بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي.

