الزوايا في المغرب: حصن روحي وضمانة للاستقرار تحت رعاية الملك محمد السادس

يؤدي المغرب دورًا رائدًا على الصعيد الروحي والديني، وتعتبر الزوايا الصوفية جزءًا لا يتجزأ من هذا الدور. هذه المؤسسات الدينية، التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ المغربي، ليست مجرد أماكن للعبادة والذكر، بل هي مراكز إشعاع فكري وروحي، تلعب دورًا حيويًا في صون الهوية الدينية للبلاد، ونشر قيم التسامح والاعتدال، وتأكيد الارتباط الوثيق بالعرش العلوي.
تجسد الزاوية القادرية البودشيشية، التي تُعد من أكبر وأبرز الزوايا في المغرب والعالم الإسلامي، هذا الدور بامتياز. فقد شكل رحيل شيخها، مولاي جمال الدين القادري بودشيش، محطة للتأمل في عمق العلاقة بين هذه الزوايا والدولة المغربية. وعلى خطى أسلافه، واصل الشيخ الراحل مسيرة التربية الروحية على المنهج السني الوسطي، معززًا بذلك دور الزاوية في بناء مجتمع متماسك ومتزن، كما أن هذه
تعتبر بمختلف مشاربها، صمام أمان حقيقيًا للاستقرار الوطني. فعبر نهجها التربوي القائم على التزكية الروحية والأخلاق الحميدة، تعمل على محاربة التطرف والغلو، وتوجيه المريدين إلى طريق الاعتدال والوسطية. وقد أدرك المغرب، تحت القيادة الحكيمة لأمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، أهمية هذه المؤسسات الدينية، فقام بتعزيز مكانتها، ودعم أنشطتها، لضمان استمرار إشعاعها الإيجابي،ومن
الأدوار التي تقوم بها الزوايا لخدمة هذا الهدف النبيل انها
حصن ضد التطرف، حيث تمثل نموذجًا للتصوف السني المعتدل، الذي يرفض العنف والتطرف، ويركز على قيم المحبة والسلام والتسامح. وهذا النهج يتوافق تمامًا مع السياسة الدينية للدولة المغربية، التي تسعى إلى حماية المجتمع من الأفكار المتطرفة.د،
و تعمل الزوايا على غرس قيم المواطنة الصالحة في نفوس أتباعها، من خلال التشديد على ضرورة احترام ثوابت الأمة، وعلى رأسها إمارة المؤمنين، التي تعتبر الضامن لوحدة البلاد واستقرارها.
كما تلعب الزوايا دورًا مهما في تقوية النسيج الاجتماعي، من خلال الأنشطة الخيرية والتكافل الاجتماعي التي تقوم بها، مما يساهم في سد الفجوات، وتعزيز التلاحم بين أفراد المجتمع،و
في سياق متصل، لا يمكن الحديث عن دور الزوايا دون الإشارة إلى الرعاية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله لهذه المؤسسات. فإمارة المؤمنين ليست مجرد رمز تاريخي، بل هي آلية فعالة لضمان استمرارية المنهج الديني القويم، وحماية المرجعيات الدينية للبلاد. وقد تمثل هذا الدعم في العديد من المبادرات، مثل تنظيم الملتقيات والندوات الفكرية التي تجمع شيوخ الزوايا، وتكريمهم، مما يؤكد على أن هذه المؤسسات ليست خارج منظومة الدولة، بل هي جزء أساسي منها،
إن رحيل الشيخ مولاي جمال الدين القادري بودشيش، وتولي حفيده الدكتور منير القادري بودشيش الأمانة الروحية، يمثلان استمرارًا لدورة عطاء متجذرة في التاريخ، تُبرهن على أن الزوايا في المغرب ليست مجرد ذكرى من الماضي، بل هي حقيقة حاضرة، تتجدد وتتكيف، وتؤدي دورها الحيوي في خدمة الدين والوطن، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله