الرابع عشر من غشت: يوم تجديد البيعة والوفاء للعرش والوطن

يحيي المغاربة، بعد غد الخميس 14 غشت 2025، الذكرى السادسة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب، وهي محطة بارزة في مسار استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية. لا تعد هذه المناسبة مجرد تاريخ في الذاكرة الوطنية، بل هي رمز لتلاحم قوي بين العرش والشعب، وتجسيد لإرادة ملكية وشعبية صلبة من أجل تحرير الأرض واسترجاع الحقوق المسلوبة،
إن استرجاع إقليم وادي الذهب لم يكن مجرد حدث عابر، بل هو تتويج لمسيرة طويلة من الكفاح والتضحية قادها بطل التحرير، الملك الراحل الحسن الثاني، الذي آمن بقوة التاريخ والجغرافيا وبأن الصحراء المغربية جزء لا يتجزأ من كيان المملكة. فبعد المسيرة الخضراء المظفرة عام 1975 التي استرجع بها المغرب أقاليمه الشمالية، جاءت لحظة وادي الذهب لتؤكد أن المغرب ماضٍ في طريقه لاستكمال سيادته على كامل ترابه.
ففي الرابع عشر من غشت 1979، حل وفد ممثلو ووجهاء وشيوخ القبائل الصحراوية بالقصر الملكي بالرباط، ليجددوا بيعتهم للعرش العلوي المجيد، معلنين بذلك ولاءهم الأبدي للمملكة وانتماءهم الثابت لوطنهم. كانت هذه البيعة رمزًا سياسيًا وتاريخيًا ودينيًا يؤكد عمق العلاقة بين الشعب وملكه، ويُظهر للعالم أجمع أن الصحراء مغربية بقلب وروح أبنائها قبل أن تكون كذلك بالقانون والتاريخ،و
منذ ذلك اليوم التاريخي، انخرطت البلاد في مسيرة تنموية شاملة بالأقاليم الجنوبية، بقيادة الملك محمد السادس حفظه الله . ولم تكتفِ بتثبيت السيادة، بل عملت على بناء إقليم وادي الذهب والأقاليم الصحراوية الأخرى، من خلال إطلاق مشاريع كبرى في مختلف المجالات.
اليوم، تحولت مدن مثل الداخلة من مجرد حواضر صغيرة إلى مراكز اقتصادية وسياحية واعدة، بفضل البنية التحتية المتطورة، والموانئ الحديثة، والمشاريع الفلاحية والصناعية التي وفرت فرص العمل وعززت جودة الحياة للمواطنين. كل هذا يبرهن على أن المغرب يرى في الصحراء فرصة للتنمية لا مجرد قضية سياسية،كما
تأتي هذه الذكرى اليوم لتذكرنا جميعًا، أجيال الماضي والحاضر، بقيمة الوحدة الوطنية، وأن الحفاظ عليها مسؤولية جماعية. هي دعوة للتفكير في كيف يمكننا أن نستمر في بناء هذا الوطن الغالي، وكيف يمكننا أن نواجه التحديات المستقبلية بنفس الروح التي واجه بها أجدادنا تحديات الماضي.
إن ذكرى استرجاع وادي الذهب هي احتفال بتاريخ مجيد، ولكنها في الوقت نفسه، هي حافز للمضي قدمًا نحو مستقبل مشرق، حيث تتلاحم كل الجهود، وتتكاتف كل الأيادي من أجل مغرب قوي وموحد، ينعم بالرخاء والاستقرار.