جريمة « مولاي عبد الله » تهز المغرب: صرخة طفل في موسم الفساد

تتأرجح المواسم والمهرجانات الثقافية بالمغرب بين كونها متنفسًا ثقافيًا واقتصاديًا، ومرآة تعكس أحيانًا بعض أسوأ جوانب المجتمع. ما وقع لموسم مولاي عبد الله في الجديدة، من جريمة اغتصاب جماعي لطفل قاصر، ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو صفعة قوية على وجه كل من يرى في هذه التجمعات العملاقة مجرد احتفالات عابرة. هذه الواقعة تضعنا أمام أسئلة مؤلمة: هل أصبحت هذه المواسم ملاذًا للفساد والاستغلال؟ وهل القوانين الحالية كافية لحماية الفئات الأكثر ضعفًا، وعلى رأسها الأطفال،
لطالما كانت المواسم في بلدنا، مثل موسم مولاي عبد الله، جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية. هي فضاءات للتعبير عن التراث، والفروسية، والتبادل التجاري. ولكن، مع ازدياد أعداد الزوار بشكل مهول، وتحولها إلى ما يشبه المدن المؤقتة، ظهرت تحديات كبيرة. يصبح من الصعب السيطرة على كل الزوايا، وتتسلل بعض الممارسات السلبية التي تستغل حالة الفوضى والانفلات،

و
ما حدث للطفل من اليوسفية هو دليل صارخ على أن الفساد الأخلاقي قد يجد له تربة خصبة في هذه التجمعات. ففي خضم الزحام والاحتفال، تقع جرائم قد لا يتوقعها أحد. وهذا يطرح سؤالًا حاسمًا: هل البنية التنظيمية لهذه المواسم، والإجراءات الأمنية المتبعة، كافية لمنع وقوع مثل هذه الكوارث؟
لدينا ترسانة قانونية تهدف إلى حماية الأطفال، وتشدد العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسي. لكن، ما أهمية هذه القوانين إذا لم يتم تفعيلها بالشكل المطلوب، أو إذا لم تكن الإجراءات الوقائية كافية لمنع الجرائم في المقام الأول؟
حادثة طفل اليوسفية تسلط الضوء على فجوة بين النص القانوني والواقع الملموس. فالطفل، بعد تعرضه للاعتداء، لم يجد الدعم الفوري، واضطر للعودة إلى مدينته بمفرده في حالة نفسية وصحية حرجة. وهذا يبرز الحاجة الماسة إلى آليات دعم نفسية واجتماعية فورية للضحايا، لا تقتصر فقط على الجانب الأمني والقانوني،
جريمة كهذه ليست مسؤولية الجناة فقط. هي مسؤولية المجتمع بأكمله. هي مسؤولية المنظمين، والجهات الأمنية، والسلطات المحلية، وأيضًا الأسر والأفراد. يجب أن تكون هناك حملات توعية مستمرة حول مخاطر استغلال الأطفال، وضرورة الإبلاغ عن أي شبهة. كما يجب إعادة النظر في كيفية تنظيم هذه التجمعات العملاقة، لضمان أن تكون فضاءات آمنة ومحمية، خاصة للأطفال.
تبقى حادثة طفل مولاي عبد الله هي دعوة صريحة للتحرك. فالمواسم الثقافية يجب أن تبقى فخرًا للمغرب، لا وصمة عار على جبينه. ولن يتحقق ذلك إلا بوضع حماية الأفراد، وخصوصًا الأطفال، على رأس الأولويات.