
يواجه القطاع الصيدلاني في المغرب تحديًا كبيرًا بعد تهديد نقابات الصيادلة بإغلاق محلاتهم، احتجاجًا على قرار وزارة الصحة إعادة النظر في أسعار بعض الأدوية. هذا التهديد يثير مخاوف المواطنين ويدفع للتساؤل حول الإجراءات التي يجب على الوزارة اتخاذها لمواجهة هذه الأزمة، وضمان استمرار توفر الأدوية بأسعار معقولة للجميع.
تُعدّ أسعار الأدوية في المغرب من بين الأعلى مقارنة بالعديد من الدول المجاورة، مثل الجزائر وتونس، وحتى بعض الدول الأوروبية. هذا الغلاء الفاحش يشكل عبئًا كبيرًا على المواطنين، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة.
من جهة أخرى، يرى الصيادلة أن هامش الربح الذي يحصلون عليه لا يغطي تكاليف التشغيل المرتفعة، بما في ذلك كراء المحلات وأجور الموظفين والضرائب. لذا، فإن قرار الوزارة بتخفيض الأسعار يضعهم في موقف حرج، مما دفعهم إلى التفكير في الإغلاق كوسيلة للضغط.
لمواجهة هذا التهديد، يجب على وزارة الصحة أن تتبنى استراتيجية شاملة تجمع بين الحوار والإصلاح والاستباقية، اولا الحوار والشفافية: يجب على الوزارة فتح قنوات حوار حقيقية مع نقابات الصيادلة، والاستماع إلى مطالبهم ومخاوفهم. يجب أن يكون الهدف هو التوصل إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف، ويضمن استمرار عمل الصيدليات، ثانيا دعم الصيدليات الصغيرة: يمكن للوزارة تقديم دعم مادي أو ضريبي للصيدليات الصغيرة والمتوسطة، والتي تتأثر أكثر من غيرها بقرارات تخفيض الأسعار. هذا الدعم سيساعدها على الاستمرار في العمل دون الإضرار بمواردها ، ثالثا تشجيع المنافسة: من الضروري تشجيع المنافسة في سوق الأدوية. يمكن تحقيق ذلك عبر تبسيط إجراءات دخول الأدوية الجنيسة (Generic Drugs) إلى السوق، وتشجيع الشركات المحلية على إنتاجها. الأدوية الجنيسة تكون غالبًا أرخص بكثير من الأدوية الأصلية، وتوفر نفس الفعالية، رابعا التفكير في حلول بديلة: في حال فشل الحوار، يمكن للوزارة التفكير في حلول بديلة، مثل إنشاء صيدليات عمومية تابعة للدولة. هذه الصيدليات يمكن أن تبيع الأدوية بأسعار أقل، وتضمن توفرها في المناطق النائية. هذا الحل يمكن أن يخدم هدفين: تخفيض أسعار الأدوية، وتوفير فرص عمل للصيادلة العاطلين عن العمل. كما ان على الطرفين ان يعلموا أن
أزمة الصيدليات الحالية ليست مجرد خلاف بين الوزارة والنقابات، بل هي قضية تتعلق بالأمن الدوائي للمواطنين. لذا، يجب على الوزارة التحرك بسرعة وفعالية، واتخاذ قرارات جريئة ومبتكرة لضمان حصول كل مواطن مغربي على الدواء الذي يحتاجه، بسعر عادل ومناسب.
