الحرائق تتوالى بين الدار البيضاء وتارودانت : من يتحمل المسؤولية وكيف نتفادى الكارثة القادمة؟

في غضون شهر واحد فقط، اهتزّ الرأي العام المغربي على وقع سلسلة من الحرائق المدمرة التي طالت عدداً من الأسواق والمصانع في مدن مختلفة، أبرزها تارودانت والدار البيضاء، وخلفت وراءها خسائر مادية جسيمة وأضراراً نفسية عميقة لدى المتضررين.

ففي مدينة تارودانت، اندلع حريق مهول بسوق جنان الجامع، أتى على نحو 700 محل تجاري، في واحدة من أكبر الكوارث التي عرفتها المنطقة منذ سنوات. ولم تكد المدينة تلتقط أنفاسها حتى تكررت المشاهد ذاتها في مناطق أخرى من المملكة.

ففي الدار البيضاء، شهدت منطقة الباطوار بالحي المحمدي الأسبوع الماضي حريقاً ضخماً داخل مصنع كبير، سرعان ما تبعه حريق قيسارية الحفاري مساء السبت الماضي، مخلفاً أضراراً بـ 20 محلاً تجارياً على الأقل. كما شبّ حريق آخر في مصنع لإنتاج الأكياس القماشية وأغلفة السلوفان، امتدت نيرانه إلى مبنى مجاور مخصص لخياطة النسيج.

تكرار هذه الحوادث يثير تساؤلات ملحّة:
إلى متى ستستمر هذه الكوارث في التهام أرزاق المواطنين؟
من يتحمل المسؤولية؟ هل هي أخطاء تقنية، أم إهمال إداري، أم غياب الرقابة؟
وهل نحتاج إلى استراتيجية وطنية عاجلة لتأمين الأسواق والمناطق الصناعية؟

خبراء السلامة المهنية يؤكدون أن السبب الرئيسي في معظم هذه الحرائق هو التماس الكهربائي الناتج عن ضعف الصيانة أو التمديدات العشوائية داخل القيساريات والمصانع. ورغم وضوح الأسباب، إلا أن الواقع يُظهر أن ثقافة الوقاية ما زالت غائبة إلى حد كبير.

ومن هذا المنطلق، وجّهت فعاليات مدنية وجمعوية دعوة ملحّة إلى التجار وأصحاب المحلات من أجل:

مراجعة التمديدات والأسلاك الكهربائية والمحولات بشكل دوري.

الامتناع عن تكديس البضائع فوق العدادات أو بالقرب من مصادر الكهرباء.

الحفاظ على مخارج الطوارئ مفتوحة وعدم سدّ الممرات بالبضائع.

منع الطهي داخل المحلات أو استخدام قنينات الغاز وأجهزة التسخين الكهربائي.

كما يذكّر الفصل 83 من القانون التنظيمي بأن السلامة داخل القيساريات والمراكز التجارية مسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات المحلية وأرباب المحلات، ما يعني أن الإهمال من أي طرف قد يكون سبباً مباشراً في وقوع الكارثة التالية.

للاشلرة فهذه الأحداث المتكررة ليست مجرد « حوادث عرضية »، بل جرس إنذار حقيقي يستدعي مراجعة شاملة لأنظمة السلامة في الأسواق والمناطق الصناعية، لأن الخسائر لا تُقاس فقط بالأموال، بل بأرزاق الناس وأمنهم النفسي والاجتماعي.

فلنستيقظ قبل أن يُكتب اسم سوق أو مصنع جديد في قائمة الرماد.