بقلم عبدالرحيم بخاش
النقابات بين الدعم الحكومي ودعم الأجراء: صراع المصالح وانعكاساته على الساحة الرياضية
تعتبر النقابات من أبرز الفاعلين في المشهد الاجتماعي والمهني، إذ تمثل أصوات العمال والأجراء في مواجهة أرباب العمل والدولة. لكن طبيعة التمويل الذي تتلقاه النقابات، سواء من الدولة أو من اشتراكات الأعضاء، يُثير جدلاً مستمراً حول مدى استقلاليتها وقدرتها على تمثيل مصالح منخرطيها بصدق.
الدعم الحكومي أم دعم الأجراء؟
في أوروبا، تُعرف النقابات بقوتها واستقلاليتها النسبية، حيث تعتمد بشكل أكبر على اشتراكات الاجراء، مما يمنحها هامشاً أوسع للتحرك والدفاع عن حقوق العمال. على عكس ذلك، في المغرب، تعتمد العديد من النقابات على الدعم الحكومي، ما يجعلها عرضة للاتهامات بالتبعية وخدمة أجندات معينة.
فهذا التمويل قد يجعل النقابة تميل إلى خدمة مصالح الجهة الداعمة بدلاً من مصالح المنخرطين. وبدلًا من الدفاع عن حقوق العمال، تجد النقابات نفسها أحيانًا طرفًا في صراعات سياسية واجتماعية، وهو ما يضعف مصداقيتها أمام الرأي العام
فالساحة الرياضية: فضاء جديد لصراع النقابات
في الآونة الأخيرة، ظهر حضور واضح للنقابات في الساحة الرياضية، خاصة بعد الخلافات التي شهدتها بعض الجمعيات الرياضية. وبدلاً من أن تركز النقابات على قضايا الصحافيين والأجراء، اختارت الانخراط في هذه الصراعات الرياضية بدعوى الدفاع عن « الديمقراطية » وعدم « الإقصاء
وقد نتج عن هذه التحركات تكوين اتحادات رياضية تحت مظلة فيدرالية موحدة تجمع أقوى الجمعيات الرياضية. هذا التحرك طرح العديد من الأسئلة، من أبرزها: لماذا تسارع النقابات إلى ركوب موجة الخلافات الرياضية؟
فازدواجية الأدوار: الدفاع عن الصحفيين أم اجندات؟
في سياق موازٍ، شهدت الساحة الإعلامية عدم تدخل بعض النقابات للدفاع عن صحفيين متابعين في قضايا جنائية. وهنا تثار تساؤلات مشروعة
لماذا لا تنشغل النقابات بالدفاع عن قضايا لصحافيين متابعين بالقانون الجنائي عوض قانون الصحافة النشر؟
لماذا لم تُبدِ هذه النقابات موقفًا واضحًا من القوانين التعليمية الجديدة، التي ستؤثر على المقاولات الصغيرة والمتوسطة؟
هذا السلوك يطرح فرضيات عن وجود « ترتيبات في الكواليس »، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن أهداف هذه النقابات ومصالحها الحقيقية. فبدلاً من الدفاع عن المقاولات الصغيرة، التي تُشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، نجدها تنخرط في معارك جانبية، وهو ما يضعف ثقة الأجراء بها.
النقابات التي تستفيد من الدعم الحكومي مطالبة اليوم بإعادة النظر في أولوياتها. فدورها الأساسي هو الدفاع عن مصالح الصحافيين، وليس الانخراط في خلافات رياضية أو معارك جانبية لا طائل منها
في المقابل، الجمعيات الرياضية، التي تضم خيرة الصحفيين والرياضيين، قادرة على الدفاع عن نفسها بفضل كفاءتها وتنظيمها. وبالتالي، لا حاجة لتدخل النقابات في هذا المجال.
إن النقابات التي تستفيد من الدعم الحكومي عليها أن تضع مسافة واضحة بينها وبين أجندات الدولة أو الأطراف السياسية. عليها التركيز على القضايا الجوهرية المرتبطة بالأجراء والمقاولات الصغيرة التي تواجه خطر الإفلاس
أما في الساحة الرياضية، فلا داعي لاستغلال الخلافات لكسب نقاط سياسية أو إعلامية. فوجود جمعيات رياضية قوية هو في حد ذاته ضمانة لتعدد الأصوات واحترام الديمقراطية. النقابة القوية هي التي تستمد قوتها من أعضائها، وليس من دعم الحكومة أو الركوب على موجات الخلافات الرياضية