
بقلم عبدالرحيم بخاش
صخب الأبواق الخائبة وأعداء النجاح
في زمن اللغط المبتذل، بات الوطن ساحة مفتوحة لكل من يحمل حقدًا دفينًا أو خيبة شخصية، ليتخذ من منصات التواصل ملاذًا له، يفرغ من خلالها سمومه، ويقذف الشرفاء، ويُشكك في كل نجاح، ويُهين كل رمز، فقط لأن الكعكة لم تصل إلى يده أو لأن رياح المجد لم تمر أمام عتبة بيته
أي وطن هذا الذي ترعرعت فيه، ودرست في مدارسه، وتخرجت من معاهده – إن كنت ممن يعرفون معنى العلم – ثم وقفت اليوم على قارعة المنفى أو العزلة، لتشتمه وتشتم رموزه؟! أي خزي هذا الذي يجعلك تنقلب على وطنك لمجرد أن العطايا لم تُصَب في إنائك؟!
هؤلاء لا يملكون لا منطق الفكر، ولا رصانة الرأي، ولا أخلاق الاختلاف، وكل ما يملكونه: هاتف نقال وميكروفون رخيص، يجعلهم يعتقدون أنهم أصبحوا “صحفيين” أو “معارضين” أو “أبطال رأي حر”، في حين أن كلماتهم لا تعدو أن تكون عجيجًا أجوف، ونعيق غربان فوق جراح مفتعلة
رموز الوطن ليست شعارات في هواء، بل رجال أفنوا أعمارهم في صون البلاد وحماية أمنها، وعلى رأسهم عبد اللطيف الحموشي، الذي سهر الليالي وأعاد للمؤسسات الأمنية هيبتها واحترافيتها، وياسن المنصوري وغيرهم من نساء ورجال الوطن الذين يعملون بصمت ويبنون بصبر، دون أن يطلبوا تصفيقًا ولا تطبيلًا
بل إن الوقاحة تبلغ بالبعض حد التطاول على جلالة الملك محمد السادس، وهو الضامن لاستقرار المغرب، وحامي وحدته، وحكيم سياسته، ذلك الذي أحببناه لصدقه وإنسانيته وتواضعه ومبادراته التي لم تتوقف يومًا عن دعم الفقير واليتيم والمحتاج
نعم، الوطن محروس بعين الله، لكن السكوت عن الجريمة جريمة، والتغاضي عن النباح طعنة في خاصرة الشرفاء. ولذلك نقول: كفى! كفى تساهلًا مع هذه الشرذمة، وكفى تجاهلًا لحملات التشويه الممنهجة
لسنا دعاة قمع ولا كارهين لحرية التعبير، بل نحن أهل نقد وكرامة، لكن ما يُمارس اليوم ليس رأيًا حرًا، بل خيانة ناعمة تُدار خلف شاشات، تُموَّل وتُنفّذ، وتُخاطب الغرائز لا العقول
أيها الأفاكون، لو كنتم رجال فكر لعرفتم أن الاختلاف لا يعني الهدم، وأن الوطن ليس كعكة لمن سبق، بل مسؤولية من يفكر ويعمل ويضحي
ولنختم بما قاله أحدهم يومًا
« من يستمع لحمير تنهق، لا شك أنه يفهم لغتها… فهل صار الناقد ناقدًا لأنه أجاد النهيق؟
فلنصن وطننا، ولنحمِ رموزه، لا بالانجرار وراء الشتائم، بل بالرد البليغ، والموقف الصلب، والوعي العميق
المغرب وطن الشرفاء… ولن تلوثه حناجر الجبناء
