حين يفضح العالم ما كان يُهمَس به… الجزائر على لائحة كبرى الدول المبيّضة للأموال

بقلم عبدالرحيم


حين يفضح العالم ما كان يُهمَس به… الجزائر على لائحة كبرى الدول المبيّضة للأموال
في خطوة طالما انتظرها الأحرار، أقدمت المفوضية الأوروبية على تصنيف الجزائر ضمن الدول الأعلى تورطًا في عمليات تبييض الأموال، مُسلِّطة الضوء – أخيرًا – على واقعٍ ظلّ لعقود يُهمَس به في الصالونات ويُهمَّش في التقارير الدولية، لكنه اليوم يُقال بصوتٍ عالٍ: أموال الشعب الجزائري تُنهَب وتُهرَّب، لا إلى مشاريع تنمية، بل إلى حسابات سريّة وقصورٍ في الخارج.
لقد جاءت هذه الخطوة بمثابة صفعة لحُكّام الظل، أولئك الجنرالات الذين اختزلوا الدولة في مؤسساتهم، ونهبوا ثروات شعبٍ كامل تحت شعارات السيادة، وحوّلوا الجزائر من بلدٍ غنيّ بالموارد إلى ساحة للصفقات المشبوهة، وسوقٍ سوداء تعجّ بالأوراق البنكية، خارج أي رقابة، وخارج أي محاسبة.
أوروبا تفهم… فمتى يفيق الشعب؟
هذا التصنيف ليس مجرد إدانة تقنية، بل هو اعتراف رسمي بأن الجزائر لم تعد فقط ضحية لسوء التسيير، بل صارت جزءًا من منظومة تبييض أموال دولية، تساهم فيها زمرة من المسؤولين الذين يستخدمون نفوذهم العسكري والسياسي كغطاء لتحويل الملايير من الدولارات إلى ملاذات آمنة في الخارج.
لقد فهم العالم أخيرًا ما ظل أبناء الجزائر الشرفاء يصرخون به منذ سنين: أن الوطن يُسرَق جهارًا نهارًا، أن العائدات النفطية لا تعود على الشعب، بل تذهب إلى أرصدة لا تُحصى، وأن مشاريع التنمية مجرد ستار يُسدل لإخفاء حفلة النهب المنظم.
أين الخلاص؟
ليس في صمت المجتمع، ولا في تمجيد العسكر، يكمن خلاص الجزائر. بل في وعي جماهيري بأن لا دولة تُبنى على الفساد، ولا كرامة تُنتزع في ظل التواطؤ. على الشعب أن يدرك أن أمواله التي تُهرَّب كل يوم، هي ذاتها التي كان يمكن أن تبني مستشفيات تُداوي أبناءه، ومدارس تُنير عقول أطفاله، ومصانع تُشغّل شبابه.
رسالة المفوضية الأوروبية ليست للعالم… بل لكم أنتم
هذا القرار هو وثيقة تاريخية، لا تكتبها بيروقراطيات بروكسيل بقدر ما تكتبها صرخات المظلومين في الشوارع الجزائرية. هو تذكير لكل جزائري حرّ بأن صمته يكلّفه أكثر من صوته، وأن التنديد من الداخل هو السلاح الأنجع لكسر طغيان الخارج.،
فتصنيف الجزائر ضمن الدول الكبرى في تبييض الأموال ليس عارًا على الشعب، بل هو إدانة للنظام الذي صادر خيرات البلاد. إنه نداء أخير للاستفاقة، وقبض على الجرح قبل أن يتقيّح أكثر. فالجزائر، بتاريخها وثرواتها، تستحق أفضل من الجنرالات والبنوك السويسرية.