
بقلم عبدالرحيم بخاش
الجديدة
من « معقودة أب حسّون » إلى « سردين الشني »… حين كنا إخوة في دروب القناعة
كأنها حكاية تُروى في ليالي الصيف تحت ضوء القمر… لا خيال فيها ولا مبالغة، بل واقع عشناه بكل تفاصيله، من « معقودة أب حسون » التي كانت تسد رمقنا، إلى « سردين الشني » الذي كان وليمة أبطال الحي، إلى « مرينة بايي » حيث كانت الضحكة تسكن الزوايا، ورائحة الطفولة تعبق في الأزقة
لم تكن هناك وجبات سريعة كما نعرفها اليوم، ولم يكن المجتمع قد تعلّم أن يُسمي الطعام باسم جديد. لكننا كنّا نأكل بسرعة، لا لأننا جائعون فقط، بل لأن اللعب كان ينتظر، والكرة تنادينا من البحر، والمغامرات تبدأ من أول زقاق
كنا إخوة… لا فرق بين ابن درب لالة زهرة وابن بوحفيظ، لا تمايز بين درب الطويل والملاح، الكل يعرف الكل، والكل يتقاسم ما يملك… رغيف، كرة، ظل شجرة، وحتى الحلم.
تمرّ بنا الأزقة كأنها أغانٍ قديمة نعرف لحنها من دون أن ندرسها… من بشريط إلى درب بن إدريس، من سيد الضاوي إلى درب بلاطو، من المون حيث تعلمنا السباحة من دون معلم، إلى المرسى حيث كنا ننتظر الغروب لنحكي لبعضنا قصصًا من نسج خيالنا الطفولي.
هل تذكرون الشواية ديال السردين؟ أين أصحاب القلعة؟ أصحاب الصفاء؟ درب غلف؟ درب الغزوة؟ تلك كانت عائلات لا مجرد أحياء. كان لكل زقاق نكهته، ولكل درب ضحكته، وكانت القناعة مائدةً لا تنقص، والكرامة سقفًا لا ينكسر
الاصطياف لم يكن يحتاج إلى سفر ولا إلى ميزانية. كانت سيدي بوزيد جنتنا، وكان مولاي عبدالله مسرحًا لسهرات لا تُنسى. كنا نذهب جماعات، نغني ونضحك، وننام على الرمل، نحلم ونحن مفتحو العيون
أاهٍ يا زمان… أين اختفيت؟
أين تلك الوجوه التي كانت تبتسم حتى في التعب؟
أين تلك البيوت التي كانت تفتح أبوابها دون موعد، لأن « ولد الحومة » لا يحتاج إلى استئذان؟
إنه زمن كان، ولن يعود كما كان… لكنه يسكننا.
في الروح، في الذاكرة، وفي الحنين الذي كلما اشتدّ، نادانا لنكتب… لنتذكر… لنقول لبعضنا:
كنا عائلة واحدة… في دروب لا تُنسى.
وسنبقى لان الذاكرة والتاريخ كتبها بحبر من ذهب ف تحية لولاد الجديدة مازاكان لبريجة سميها كما شئت
