
أشعلت تصريحات النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، هشام المهاجري، فتيل أزمة حادة في قطاع الصحة، لتتحول إلى قضية رأي عام تكشف عن عمق الفجوة بين المسؤولين والمهنيين. لم يكن الأمر مجرد زلة لسان عابرة، بل تحول إلى جدل واسع حول ما إذا كان كلامه يمثل انتقادًا للواقع المرير، أم أنه مجرد إهانة صريحة لمهنة التمريض النبيلة.
في زاوية ما، يمكن قراءة تصريحاته، التي تحدث فيها عن « الكسل ولعب الكارطة » و »نقش الحناء »، على أنها محاولة لتسليط الضوء على خلل حقيقي في أداء بعض المستوصفات القروية. فالمواطنون في هذه المناطق غالبًا ما يشتكون من غياب الخدمات، وقد يكون البرلماني قد عكس بأسلوبه الساخر مشاهد عايشها أو سمع بها. من هذا المنطلق، لم يكن المهاجري يهاجم الممرضين كأفراد، بل كان ينتقد منظومة أداء تحتاج إلى إصلاح، وهي رؤية قد يتقاسمها معه جزء من الرأي العام الذي يعاني من ضعف المنظومة الصحية، و
على الجانب الآخر، اعتبرت الأطر التمريضية كلامه طعناً في كرامتهم وضرباً لجهودهم المضنية، خصوصاً وأنهم كانوا في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة كورونا. لم ترَ النقابة الوطنية للصحة في الأمر أي انتقاد بنّاء، بل وصفته بـ »التحقير » و »الإهانة الصريحة ». وطالبت النقابة باعتذار رسمي وفوري، محذرة من أن هذه التصريحات تزيد من غياب الثقة بين المواطن والعاملين في القطاع، وهو ما يهدد أي محاولات لإصلاح المنظومة. هذا الموقف لم يكن سعيًا وراء الامتيازات، بل كان دفاعًا عن سمعة مهنة تُعَدّ حجر الزاوية في أي نظام صحي، و
تأتي هذه الأزمة في وقت حساس، حيث تسعى الحكومة جاهدة لتنزيل إصلاحات شاملة في قطاع الصحة. وتشير مصادر من داخل حزب الأصالة والمعاصرة إلى وجود غليان داخلي، وهو ما يضع الحزب في موقف حرج. فهل ستؤدي هذه التصريحات إلى نسف الجهود المبذولة، أم أنها ستُحوّل الأزمة إلى فرصة لمواجهة الأخطاء بشكل أكثر شجاعة ومسؤولية؟

