
ببالغ الحزن والأسى، تلقى الوسط الفني والثقافي المغربي نبأ وفاة المخرج السينمائي حسن علي، أحد رواد السينما في المملكة، وقد اشتهر الراحل بتقديمه للبرنامج التلفزيوني الشهير « سينما الخميس »، كما كان علامة فارقة في تاريخ التلفزيون المغربي وساهم في تعزيز الثقافة السينمائية لدى المغاربة والذي يلقبه الكثيرون بـ »أبي السينما المغربية ». رحلته المديدة في عالم الفن كانت محطة أساسية في تأسيس وإثراء المشهد السينمائي المغربي، تاركاً خلفه إرثاً غنياً من الأعمال التي شكلت وجدان أجيال من السينمائيين والجمهور، و
يُعد حسن علي من الجيل الأول من المخرجين المغاربة الذين آمنوا بقدرة السينما على أن تكون مرآة للمجتمع، وصوتاً للتعبير عن قضاياه. بدأت مسيرته في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث كان رائداً في مجال الإخراج والإنتاج السينمائي، في زمن كانت فيه الإمكانيات شحيحة، لكن الطموح كان عظيماً. لم يكن مجرد مخرج، بل كان أيضاً منتجاً وكاتباً، عمل بجد لإنتاج أفلام وثائقية وروائية قصيرة، ساهمت في وضع حجر الأساس لصناعة سينمائية وطنية.
ومن أبرز أعماله التي لا تُنسى، فيلم « شروق » الذي يُعتبر من أوائل الأفلام الوثائقية المغربية، بالإضافة إلى أفلام أخرى رصدت التحولات الاجتماعية والثقافية في البلاد. لم يكتفِ بإخراج أفلامه الخاصة، بل كان له دور محوري في تكوين الأجيال اللاحقة من السينمائيين، من خلال ورش العمل والمبادرات التي أطلقها، مما جعله مرجعاً حقيقياً لكل من أراد دخول هذا المجال، وقد
إن لقب « أبي السينما المغربية » لم يأتِ من فراغ، بل هو اعتراف بجهوده الجبارة في بناء صناعة سينمائية من الصفر. لقد كانت رؤيته الفنية وعزيمته الاستثنائية مصدر إلهام لعدد لا يحصى من المخرجين والممثلين، الذين حملوا مشعل السينما المغربية وأوصلوها إلى العالمية. رحيل حسن علي ليس خسارة للمغرب فقط، بل هو خسارة للسينما العربية، التي فقدت أحد أقطابها ومؤسسيها.
وإننا في هذا المصاب الجلل، نتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى عائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة، وإلى كل أصدقائه ومحبيه، وإلى جميع العاملين في القطاع السينمائي. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يُسكنه فسيح جناته. يبقى إرثه خالداً، وذكراه محفورة في ذاكرة السينما المغربية، شاهداً على أن الفن رسالة، وأن رواده لا يرحلون أبداً.
