
في تصريح نادر من نوعه، أطلق المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو تصريحًا صادمًا يعكس فلسفة عميقة تتجاوز حدود كرة القدم. بتأكيده على أهمية المهن الحقيقية مثل الطب والهندسة والتعليم، وبوصفه لبعض لاعبي كرة القدم بـ »القمامة »، يوجه مورينيو رسالة قوية وشاملة إلى الشباب والمجتمع بأسره، و
يكمن جوهر رسالة مورينيو في مفهوم القدوة والمنفعة. فهو يرى أن الأثر الحقيقي لا يكمن في الشهرة والثروة التي يجنيها الرياضيون، بل في القيمة المضافة التي يقدمها الإنسان للمجتمع. الطبيب ينقذ حياة، والمهندس يبني مدنًا، والمعلم يربي أجيالًا. هذه المهن هي التي تشكل أساس الحضارة الإنسانية، وتستحق أن تكون نماذج يحتذى بها، كما
يتساءل مورينيو باستغراب عن سبب تواجده هو وميسي ورونالدو في قائمة أكثر مئة شخص تأثيرًا في العالم، مؤكدًا أنهم في النهاية « لا يستطيعون إنقاذ حياة إنسان ». هذا التساؤل ليس نابعًا من تواضع زائف، بل من وعي حقيقي بمدى الفجوة بين التأثير الإعلامي الذي يتمتع به نجوم الرياضة والتأثير الحقيقي الذي يقدمه العلماء والمفكرون والأطباء.
إن مورينيو هنا لا يقلل من قيمة كرة القدم كرياضة أو صناعة، ولكنه ينتقد بشدة فكرة أن يكون لاعب كرة القدم أيقونة يُعبد، ويُعتبر نموذجًا للنجاح المطلق لمجرد موهبته الكروية. تصريحه يوجه أصابع الاتهام إلى ثقافة « النجومية السهلة »، التي تضع الرياضيين والمشاهير في مكانة تفوق مكانة أصحاب المهن النبيلة الذين يقدمون خدمات أساسية للمجتمع بصمت،
و يعتبر تصريح مورينيو دعوة للواقعية. إنه يحث الشباب على التفكير بشكل أعمق في مستقبلهم، وعدم الانجراف وراء الأحلام البراقة التي قد لا تتحقق، والتي في كثير من الأحيان لا تقدم قيمة حقيقية للإنسانية. إنه يذكرنا بأن المجد الحقيقي يكمن في العطاء، وأن التأثير الأعمق هو الذي يترك بصمة في حياة الآخرين، لا في سجلات الأرقام القياسية أو قوائم الأثرياء.
هل يستطيع أن يغير هذا التصريح من نظرة العالم لنجوم كرة القدم؟ ربما لا، ولكن يكفي أنه يضع نقطة ضوء على حقيقة يغفل عنها الكثيرون: أن القيمة الحقيقية للإنسان لا تقاس بعدد الأهداف التي يسجلها، بل بعدد الأرواح التي ينقذها، أو العقول التي ينيرها.
