فرنسا على حافة الهاوية: احتجاجات « لنغلق كل شيء » تهز عرش ماكرون

بدأت حركة « لنغلق كل شيء » -التي تتبنى منهجًا جذريًا في الظهور كاستجابة شعبية واسعة ضد سياسات ماكرون الاقتصادية، التي يصفها المحتجون بأنها لا تخدم سوى الأغنياء على حساب الطبقات العاملة ، ما يميز هذه الحركة هو طبيعتها المتقلبة، حيث بدأت في أوساط الجماعات اليمينية قبل أن يتبناها ويسيطر عليها اليسار واليسار المتطرف. هذا التحول يعكس حالة عدم الرضا المتزايدة التي تتجاوز الانقسامات الأيديولوجية التقليدية، وتوحد فئات مختلفة من المجتمع في مواجهة ما يعتبرونه فشلًا للنظام السياسي،

وقد صرح
أعضاء الحركة أنهم لم يعودوا يؤمنون بأن النظام السياسي الحالي قادر على تحقيق أهداف الشعب. هذا الشعور باليأس من المؤسسات الرسمية هو ما يدفعهم إلى تبني أشكال احتجاج أكثر تصعيدًا، مثل إغلاق الطرق والمرافق العامة، بهدف شل حركة البلاد وإجبار الحكومة على الاستماع لمطالبهم،

و
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت حرج، حيث تعيش الحكومة الفرنسية حالة من الاضطراب السياسي. بعد أن أطاح البرلمان مؤخرًا برئيس الوزراء فرانسوا بايرو في تصويت على الثقة، مما يعكس انقسامًا عميقًا في المشهد السياسي. وفي خطوة مفاجئة، عيّن ماكرون سيباستيان لو كورنو خامس رئيس وزراء له في أقل من عامين، في محاولة لاستعادة السيطرة.
قرار ماكرون بتعيين حليف وثيق له، يُنظر إليه من قبل المحتجين كـ « صفعة على الوجه ». فالمتظاهرون يرون في هذا التعيين تأكيدًا على أن الرئيس ليس مستعدًا للتنازل أو الاستماع إلى صوت الشارع،

بل يصر على المضي قدمًا في أجندته الخاصة دون اكتراث

بالمعارضة المتزايدة، و
على الرغم من وحدة المحتجين في الشارع، إلا أن المشهد السياسي يظل منقسمًا. فحزب « فرنسا الأبية » اليساري المتطرف أعلن على الفور نيته تقديم اقتراح بحجب الثقة عن رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لو كورنو، مما يدل على استمراره في تبني سياسات المواجهة. في المقابل، أشار حزب « التجمع الوطني » اليميني المتطرف إلى استعداده للعمل مع الحكومة في الوقت الحالي، و
هذا الانقسام في صفوف المعارضة قد يمنح الرئيس ماكرون فسحة للتحرك، حيث يمكنه استغلال هذا التباين لتمرير بعض سياساته. ومع ذلك، فإن وحدة الشارع تظل التحدي الأكبر الذي يواجهه، فالحركات الاجتماعية قد تكون أقوى بكثير من الانقسامات البرلمانية، و
تعيش فرنسا حالة من التوتر السياسي والاجتماعي العميق. فبينما يصر الرئيس ماكرون على إصلاحاته، يزداد شعور الشعب بأن النظام السياسي الحالي لم يعد يمثلهم ، كما أن حركة « لنغلق كل شيء » هي مجرد تعبير آخر عن هذا الإحباط، وتؤكد أن الأزمة الفرنسية الحالية ليست مجرد مسألة اقتصادية، بل هي أزمة ثقة في القيادة وفي النظام نفسه.