المظاهرات لا تُواجه بالقمع.. بل بالاستباق بالإصلاحات والشفافية والحوار

خروج المواطنين إلى الشارع في 27 شتنبر الجاري بعدة مدن مغربية، وعلى رأسها الرباط، لم يكن حدثاً عابراً. فالشعارات التي رُفعت حول الصحة والتعليم والريع تعكس عمق الأزمة الاجتماعية، وتكشف أن فئات واسعة من الشعب لم تعد قادرة على الصبر أمام اختلالات تلامس حياتها اليومية. و
أمام هذا الواقع، لا يمكن الاكتفاء بالمقاربة الأمنية أو التعامل مع هذه الاحتجاجات باعتبارها مجرد خرق للقانون. فالتاريخ القريب والبعيد يعلّمنا أن المجتمعات التي لا تستجيب لمطالب الإصلاح، وتكتفي بالمنع والقمع، تجد نفسها في مواجهة انفجارات يصعب التحكم فيها.
الحل ليس في الانتظار حتى يشتعل الشارع أكثر، بل في الإصلاح العاجل للملفات الأساسية:

القطاع الصحي بحاجة إلى موارد بشرية وتجهيزات، وضمان الحق في العلاج للجميع.

التعليم العمومي في حاجة إلى إعادة الاعتبار ليصبح رافعة للتنمية وليس عبئاً على الأسر.

اقتصاد الريع يجب أن يواجه بقرارات واضحة، تُعيد الثقة وتُعطي إشارة قوية أن زمن الامتيازات غير المستحقة قد انتهى، و
المواطن اليوم لم يعد يقبل بالخطابات العامة أو الوعود المؤجلة. بل يريد أرقاماً دقيقة، جداول زمنية، ومحاسبة فعلية للمسؤولين. الشفافية في عرض المشاكل والحلول هي السبيل لإعادة بناء الثقة المفقودة بين المواطن والدولة.
الحوار الاجتماعي والسياسي ليس ترفاً، بل ضرورة. إشراك النقابات، الشباب، والمجتمع المدني في صياغة الحلول هو ما سيضمن نجاح أي إصلاحات. أمّا الاستمرار في تجاهل صوت الشارع فلن يؤدي إلا إلى توسيع الفجوة وتعميق الإحباط،و
لقد أثبتت احتجاجات 27 شتنبر أن المواطن المغربي لا يخرج للشارع عبثاً، بل لأنه يريد أن يعيش بكرامة، أن يثق في المدرسة والمستشفى، وأن يشعر أن ثروات بلده تُوزع بعدالة.
إن المظاهرات لا تُعالج بالقمع، بل تُعالج بالاستباق عبر الإصلاحات الجادة، الشفافية المطلقة، والحوار البنّاء. تلك هي الوصفة الوحيدة لتفادي الانفجار، وضمان الاستقرار والتنمية في آن واحد.