
في محطة لافتة ضمن الزيارة الرئاسية الفرنسية إلى الصين، اختار الرئيس الصيني شي جين بينغ مرافقة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى منشأة دوجيانغيان التاريخية في مقاطعة سيتشوان، أحد أعرق المشاريع المائية في العالم، في خطوة حملت أبعاداً حضارية تتجاوز البروتوكول الدبلوماسي التقليدي.
هذا الموقع العريق، الذي أُنجز قبل أكثر من ألفي عام، يجسّد بوضوح الفلسفة الصينية في إدارة الطبيعة: الانسجام معها بدل مواجهتها، وتسخير قوتها دون إخضاعها. وقد جاء اختيار دوجيانغيان ضمن جدول الزيارة ليقدّم رسالة ثقافية للعالم مفادها أن الابتكار لا يُقاس فقط بما هو حديث، بل أيضاً بما ظل فعّالاً عبر القرون.
وخلال الجولة، برز اهتمام الرئيسين بالتصميم الهندسي الفريد لهذا المشروع، الذي ينظم تدفق المياه ويوفّر الحماية من الفيضانات دون استخدام أي سدود إسمنتية، معتمداً على هندسة طبيعية تعتمد الذكاء أكثر من القوة.
وللزيارة صدى شخصي لدى كثير من أبناء المنطقة. فقد عبّر أحدهم عن مشاعره تجاه هذا المكان قائلاً إن وقوفه أمام هذا الإنجاز الضخم الذي بناه الأسلاف قبل آلاف السنين كان «لحظة مدهشة لا تُنسى»، مؤكداً أن مشهد المياه وهي تنساب بقوة وانتظام «يُشعر الزائر بعظمة الفكرة الصينية في العمل مع الطبيعة لا ضدها».

وتؤكد هذه الجولة المشتركة على عمق التفاهم بين الصين وفرنسا، وعلى رغبة البلدين في تعزيز الحوار بين الحضارات، من خلال الاحتفاء بالمعرفة التي استطاعت أن تربط الماضي بالحاضر وتقدّم حلولاً لا تزال صالحة لعالم اليوم.
وبهذا، تتحول زيارة دوجيانغيان من محطة سياحية إلى رسالة عالمية تبرز كيف يمكن للموروث البشري القديم أن يلهم طرقاً أكثر انسجاماً واستدامة في إدارة الموارد الطبيعية.


